{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 26 - 27].
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
قال الشيخ (1): «ليس في المقامات شيءٌ فيه من التفاوت ما في الانفصال».
يعني: أنَّ بين درجات المقامات تناسب (2) واختلاف قريب (3)، ومقام الانفصال قليل التناسب في درجاته كثيرُ التفاوت، كما سنذكره.
قال (4): (ووجوهه ثلاثة. أحدها: انفصالٌ هو شرط الاتِّصال، وهو الانفصال عن الكونين بانفصال نظرك إليهما، وانفصالِ توقُّفك عليهما، وانفصالِ مبالاتك بهما).
يعني: أنَّ انفصال العبد عن رسومه بالفناء هو شرط اتِّصال وجوده بالبقاء، فلا ولاءَ إلا ببراءٍ (5): لا ولاءَ لله ورسوله إلَّا بالبراء ممَّا يضادُّ ذلك ويخالفه. وقد قال إمام الحنفاء لقومه:
{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف: 26 - 27].
وقال الفتية:
{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [الكهف: 16]
، أي: فلم تعتزلوه.
وهذه العبارة التي ذكرها الشيخ في بادئ الرأي لا تخلو عن إنكارٍ حتَّى