
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
العبد إذا وصل إلى الله جدَّ به سيرُه، وقوي سفره؛ فعلامة الوصول إلى الله: الجدُّ في السَّير، والاجتهاد في السَّفر.
وهذا الموضع هو مفرق الطريقين بين الموحِّدين والملحدين، فالملحد يقول: السفر وسيلةٌ، والاشتغال بالوسيلة بعد الوصول إلى الغاية بطالة، ومتى وصل العبدُ سقطت عنه أحكام السفر، وصار كما قيل (1):
فألقت عصاها واستقرَّ بها النوى ... كما قرَّ عينًا بالإياب المسافرُ
ودُعي بعض هؤلاء إلى الصلاة وقد أقيمت، فقال (2):
يطالَب بالأوراد من كان غافلًا ... فكيف بقلبٍ كلُّ أوقاته وردُ
وقيل لملحدٍ آخر منهم: لِمَ لا تصلِّي؟ فقال: أنتم مع أورادكم، ونحن مع وارداتنا!
وهؤلاء هم (3) الذين صاح بهم أئمَّة الطريق وأخرجوهم من دائرة الإسلام. وقال بعضهم: نعم وصلوا، ولكن إلى الشيطان لا إلى الرحمن. وقال آخر: وصلوا ولكن إلى سقر.
فكلُّ واصلٍ إلى الله: فهو طالبٌ له، وسالكٌ في طريق مرضاته.
نعم، بداية الأمر: الطلب، وتوسُّطه: السُّلوك، ونهايته: الوصول، وسيأتي بيان حقيقة الوصول الذي يشير إليه القوم في الباب الذي يلي هذا، إن شاء الله تعالى.