«فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي» (2)
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الصَّمَم، والبصر على العمى، فيكون الافتخار للنّفس على النّفس، لا للمتنفِّس على النّاس، والله أعلم.
فصل
قال (1): (الحياة الثّالثة: حياة الوجود. وهي حياةٌ بالحقِّ، ولها ثلاثة أنفاسٍ: نفس الهيبة، وهو يُمِيت الاعتدال. ونفس الوجود، وهو يمنع الانفصال. ونفس الانفراد وهو يورث الاتِّصال، وليس وراء ذلك مَلْحَظٌ للنَّظَّارة، ولا طاقةٌ للإشارة).
هذه المرتبة من الحياة هي حياة الواجد، وهي أكمل من النّوعين اللّذين قبلها، ووجود العبد لربِّه هو الذي أشار إليه في الحديث الإلهيِّ بقوله:
«فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي» (2)
، والمشار إليه في قوله:
«ابنَ آدم، اطلبني تجِدْني، فإن وجدتَني وجدتَ كلَّ شيءٍ، وإن فُتُّك فاتَك كلُّ شيءٍ» (3).
وسيأتي في باب الوجود مزيدُ بيانٍ لهذا.
وإنّما كانت حياة الوجود أكمل الحياة، لشرفها وكمالها بموجودها؛ وهو الحقُّ سبحانه، فمن حَيِيَ بوجوده فقد فاز بأعلى أنواع الحياة.
فإن قلت: يصعب عليّ فهمُ معنى الحياة بوجوده.