مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

4258 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

فصل

قال صاحب «المنازل» (1): (باب القبض. قال الله تعالى:

{(45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا} [الفرقان: 46]

).

قلت: لقد أبعد في تعلُّقه بإشارة (2) الآية إلى القبض الذي يريده، ولا تدلُّ الآية عليه بوجهٍ ما، وإنَّما تشارك القبضَ المترجمَ عليه في اللفظ، فإنَّ القبض في الآية (3) قبضُ الظلِّ، وهو تقلُّصه بعد امتداده، قال الله (4) تعالى:

{(44) أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا} [الفرقان: 45 - 46]

، فأخبر تعالى: أنَّه بسط الظلَّ ومدَّه، وأنَّه جعله متحرِّكًا تبعًا لحركة الشمس، ولو شاء لجعله ساكنًا لا يتحرَّك، إمَّا بسكون المظهر له والدليل عليه، وإمَّا بسببٍ آخر. ثمَّ أخبر: أنَّه قبضه بعد بسطه قبضًا يسيرًا، وهو شيءٌ بعد شيءٍ، لم يقبضه جملةً.

فهذا من أعظم آياته الدالَّة على كمال قدرته وحكمته (5)، فندب سبحانه إلى رؤية صنعه (6) وقدرته وحكمته في هذا الفرد من مخلوقاته، ولو شاء لجعله لاصقًا بأصلِ ما هو ظلٌّ له من جبلٍ وبناءٍ وشجرٍ وغيره، فلم ينتفع به

الصفحة

208/ 556

مرحبًا بك !
مرحبا بك !