مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
قال (1): (والنّفَس الثاني: نفَسٌ في حين التجلِّي، وهو نفَسٌ شاخصٌ عن مقام السُّرور إلى رَوح المعاينة، مملوءٌ من نور الوجود، شاخصٌ إلى منقَطَع الإشارة).
هذا النّفَس أعلى من الأوّل، فإنّ الأوّل في حين استتارٍ وظُلمةٍ، وهذا نفَسٌ في حال تجلٍّ ونور.
و (حين التّجلِّي): هو زمان حصول الكشف. والتجلِّي مشتقٌّ من الجَلْوة، قيل: وحقيقتُه إشراقُ نورِ الحقِّ على قلوب المريدين (2).
فإن أرادوا إشراق نور الذّات فغلطٌ (3) منهم، ولهذا قال مَن احترز منهم عن ذلك: «إشراق نور الصِّفات» (4).
فإن أراد (5) إشراق نفس الصِّفة فغلطٌ، فإنّ التّجلِّي الذّاتيّ والصِّفاتيّ لا يقع في هذا العالم، ولا تثْبُت له القُوى البشريّة.
والحقُّ أنّه إشراقُ نور المعرفة والإيمان، واستغراق القلب في شهود الذّات المقدّسة وصفاتها استغراقًا علميًّا، نعم هو أرفع من العلم المجرّد لأسبابٍ: