
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمّا الموحِّدون، فالثّنويّة التي يجب التّخلُّص منها (1): أن يتّخذ إلهين اثنين، فيشهدَ مع الله إلهًا آخر. وأمّا كونُه شهد مع الله موجودًا غيرَه هو موجدُه وخالقُه وفاطرُه، فليس بثنويّةٍ، بل توحيدٌ خالصٌ. ولا يتمُّ له التَّوحيدُ إلّا بهذا الشُّهود ليصحَّ له نفيُ الإلهيّة عنه، وإلّا فكيف ينفي الإلهيّةَ عمّا لا يشهده ويشهد نفيها عنه؟ (2).
والمقصود: أنَّ صاحبَ الجمع إذا شهد ربًّا وعبدًا، وخالقًا ومخلوقًا، وآمرًا وفاعلًا منفِّذًا، ومحرِّكًا ومتحرِّكًا، ووليًّا وعدوًّا= كان ذلك موجَبَ عقد التّوحيد.
وصحّةُ التّمكين: هي حفظ الأصل الذي هو بقاء شهود الرُّسوم في مرتبتها. وكأنّه - رحمه الله - نبّه بذلك على الاحتراز من القوم الذين تخطفهم (3) لوائحُ شهود الجمع وتمكُّنُهم ضعيفٌ، فينكرون صورَ الخلق، حتّى يقول أحدهم: أنا نورٌ من نور ربِّي، لما يغلب على أحدهم من شهود الجمع، وعدم تمكُّنه في البقاء (4).
وهذا قد يعرض للصّادق أحيانًا، فيعلم أنّه غالطٌ، فيرجع إلى الأصل، ويحكِّم العلمَ على الحال. فإذا صحا علِم أنّه كان غالطًا مخطئًا. وفي مثل هذه