مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

4334 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

يفنَى (1) إمكانه في وجوبه. فانظر ما في هذا الكلام من الإلحاد والكفر الصُّراح، وجعل عين المخلوق نفس عين الخالق، وأنّ الرّبّ سبحانه أقام نفسَ أوصافه نائبةً عنه في استجلاء ذاته، وأنّه شاهدَ ذاتَه بذاته في مراتب الخلق، وأنّ الإنسان إذا صحا من سُكره وجد في ذاته حقائق ذات الرّبِّ، ووجد خلقيَّتَه أسماء مسمّى ذاته، فيرى ثبوت ذلك الاسم في حضرة سائر الأسماء المشيرة بدلالتها إلى الوجود «المنزَّه الأصل» يعني عن الانقسام والتّكثُّر، «المُوهِم الفرع» يعني الذي يُوهِم فروعُه وتكثُّرُ مظاهرِه واختلافُ أشكاله أنّه متعدِّدٌ، وإنّما هو وجودٌ واحدٌ، والأشكال على اختلاف ضروبها أمورٌ عدميّةٌ، لأنّها ممكنةٌ، وإمكانها يفنى في وجوبها، فلم يبقَ إلّا وجوبُ الوجود، وهو واحدٌ وإن اختلفت الأشكال التي ظهر فيها، والأسماء التي أشارت إليه. فالاتِّحاديُّ يُشاهد وجودًا واحدًا، جامعًا لجميع الصُّور والأنواع والأجناس، فاض عليها كلِّها، فظهر فيها بحسب قوابلها واستعداداتها. وذلك الشُّهود يجذبه إلى انجذاب عزمه عن التّقيُّد بمعبودٍ معيّنٍ أو عبادةٍ معيّنةٍ، بل يبقى معبوده الوجود المطلق السّاري في الموجودات، بأيِّ معنًى ظهر، وفي أيِّ ماهيّةٍ تحقَّق، فلا فرقَ عنده بين السُّجود للصّنم والشّمس والقمر والنُّجوم وغيرها، كما قال شاعر القوم (2): وإن خَرَّ للأحجارِ في البُدِّ عاكفٌ ... فلا تَعْدُ في الإنكارِ بالعصبيّةِ

الصفحة

137/ 556

مرحبًا بك !
مرحبا بك !