مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

4784 0

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

شاهد الصِّفة فلا بدّ أن يشاهد متعلَّقاتها، فإنّ النّظر في متعلَّقاتها يُكسِبه التّعظيم للمتّصف بها، فإنّ من شاهد العلم القديم الأزليّ متعلِّقًا بسائر المعلومات التي لا تتناهى من واجبٍ وممكنٍ ومستحيلٍ، ومن شاهد الإرادة الموجبة لسائر المرادات على تنوُّعها من الأفعال والأعيان والحركات والأوصاف التي لا تتناهى، وشاهدَ القدرةَ التي هي كذلك، وشاهد صفةَ الكلام التي لو أنّ البحر يَمُدُّه من بعده سبعة أبحرٍ، وأشجار العالم كلُّها أقلامٌ يُكتب بها كلامُ الرّبِّ جلّ جلاله، فَنِيتِ البحار، ونَفِدت الأقلام، وكلام الله عزّ وجلّ لا ينفَد ولا يفنى؛ فمن شاهدَ الصِّفات كذلك، وجالَ قلبه في عظمتها= فهو مشغولٌ بالصِّفات، ومتفرِّق (1) قلبه في متعلَّقاتها وتنوعها في أنفسها، بخلاف من قصَرَ نظره على نفس الذّات، وشاهد قِدمَها وبقاءها، واستغرق قلبه في عظمة تلك الذّات بقطع النّظر عن صفاتها، فهو مشاهدٌ للعين، والأوّل مشاهدٌ للصِّفات. فالأوّل في فرقٍ، وهذا في جمعٍ. فمن استغرق قلبه في هذا المشهد استحقّ اسم المشاهد، ووصف المشاهدة عند القوم إذا غاب عن إدراك رسمِه وكلِّ ما فيه من علمٍ وعملٍ وحالٍ. هذا تقرير (2) كلامه. وبعدُ، فإنّ ولاية النُّعوت والصِّفات التي جعلها دون ولاية العين والذّات ليس كما زعمه، بل لا نسبةَ بينهما البتّةَ، فإنّ الله سبحانه دعا عباده في كتبه الإلهيّة إلى الأوّل دون الثّاني، وبذلك نطقتْ كتبه ورسله، فهذا القرآن من أوّله إلى آخره إنّما يدعو النّاس إلى النّظر في صفاته وأفعاله وأسمائه، دون الذّات المجرّدة، فإنّ الذّات المجرّدة التي لا يُلحَظ معها وصفٌ ولا يُشهَد

الصفحة

124/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !