مدارج السالكين ج4

مدارج السالكين ج4

5534 2

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس -  نبيل بن نصار السندي -  محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 556

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

ممضٌّ على فوات جمعيّة القلب على الله ولذّتها (1) ونعيمها، فلو فُرِضت لذّات أهلُ الدُّنيا بأجْمَعِها حاصلةً لرجلٍ لم يكن لها نسبةٌ إلى لذّة جمعيّة القلب (2) على الله، وفرحه به، وأُنْسِه بقربه، وشوقِه إلى لقائه. وهذا أمرٌ لا يصدِّق به إلّا من ذاقه. فإنّما يصدِّقك مَن أشرَقَ فيه ما أشرقَ فيك. ولله درُّ القائل (3):

أيا صاحبي ما ترى نارَهم (4) ... فقال: تُرينيَ ما لا أرى

سقاك الغرام ولم يسقني ... فأبصرتَ ما لم أكن مبْصِرَا

فلو لم يكن في التّفرُّق المذكور إلّا ألم الوحشة، ونكَد التّشتُّت، وغبار الشّعَث لكفى به عقوبةً، فكيف وأقلُّ عقوبته: أن يُبتلى بصحبة المنقطعين ومعاشرتهم وخدمتهم، فتصير أوقاته ــ التي هي مادَّة حياته ولا قيمة لها (5) ــ مستغرقةً في قضاء حوائجهم، ونيل أغراضهم؟!

وهذه عقوبة قلبٍ ذاقَ حلاوةَ الإقبال على الله والجمعيّةِ عليه والأنسِ به، ثمّ آثر على ذلك سواه، ورضي بطريقة بني جنسه وما هم عليه. ومَن له أدنى حياةٍ في قلبه ونورٍ (6) يستغيثُ قلبُه من وحشة هذا التّفرُّق، كما تستغيث

الصفحة

16/ 556

مرحباً بك !
مرحبا بك !