مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: علي بن محمد العمران- محمد عزير شمس - نبيل بن نصار السندي - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 556
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
كونه صمدًا، وصفاته السَّلبيَّة المتضمِّنة للثبوت مِن كونه لم يَلِد ولم يُولَد ولم يكن له كفؤًا أحد (1)، ولم يجعل لهم سبيلًا إلى معرفة الذَّات والكُنْه.
فما هذا الشُّهود العينيُّ (2) الذّاتيُّ الذي جعلتموه للمشاهد، وجعلتموه فوق المكاشفة، وجعلتم (3) ولاية المكاشفة النّعت وولاية المشاهدة العين؟
فاعلم أنّ مراد الشّيخ ــ قدَّس الله روحه ــ وأمثاله من العارفين أهل الاستقامة: أن لا يقصر نظر القلب على صفةٍ من الصِّفات، بحيث يستغرق فيها وحدها، بل يكون التفاتُه وشهوده واقعًا على الذّات الموصوفة بصفات الكمال المنعوتة بنعوت الجلال، فحينئذٍ يكون شهوده واقعًا على الذّات والصِّفات جميعًا.
ولا ريبَ أنّ هذا فوق مشهد الصِّفة الواحدة أوالصِّفات.
ولكن يقال: الشُّهود لا يقع على الصِّفة المجرّدة، ولا يصحُّ تجرُّدها في الخارج ولا في الذِّهن، بل متى (4) شهد الصِّفة شهد قيامها بالموصوف ولا بدّ، فما هذا الشُّهود الذّاتيُّ الذي هو فوق الوصف؟
والأمر يرجع إلى شيءٍ واحدٍ، وهو أنّ من كان بصفات الله أعرفَ، ولها أثبت، ومعارضُ الإثبات منتفٍ عنده= كان أكملَ شهودًا، ولهذا كان أكملُ