
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
كما قال بعضهم: أنا أدخل السُّوقَ والأشياءُ تشتاقُ إليَّ، وأنا حُرٌّ (1) عن جميعها (2).
وفي مثل هذا قيل (3):
إذا اشْتاقتِ الخيلُ المناهلَ أعرضَتْ ... عن الماء فاشتاقَتْ إليها المناهِلُ
وكانت عجوزٌ مُغْيِبَةٌ (4)، فقدِمَ غائبُها من السّفر، ففرِحَ به أهلُه وأقاربه، وقعدتْ تبكي. فقيل لها: ما يُبكيكِ؟ فقالت: ذكَّرني قدومُ هذا الفتى يومَ القدومِ على الله (5).
يا مَن شَكا شوقَه من طولِ فُرقته ... اصبِرْ لعلَّكَ تَلقى مَن تُحِبُّ غدَا (6)
وقيل: خرج داود يومًا إلى الصّحراء منفردًا، فأوحى الله إليه: ما لي أراك منفردًا؟ فقال: إلهي استأثَرَ شوقي إلى لقائك على قلبي، فحالَ بيني وبين صحبة الخلق. فقال: ارجِعْ إليهم، فإنّك إن أتيتَني بعبد آبقٍ أَثبتُّكَ في اللّوح المحفوظ جِهْبِذًا (7).