مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

15544 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

فصل

ومن منازل

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

: منزلة المحبّة.

وهي المنزلة التي فيها يتنافَسُ (1) المتنافسون، وإليها شَخَصَ العاملون، وإلى علمها شَمَّر السّابقون، وعليها تفانى المُحِبُّون، وبرَوْحِ نَسيمها تروَّح العابدون. فهي قُوتُ القلوب، وغذاء الأرواح، وقرّة العيون. وهي الحياة التي من حُرِمَها فهو من جملة الأموات، والنُّور الذي من فَقَدَه ففي بحار الظُّلمات، والشِّفاء الذي من عَدِمَه حلَّتْ بقلبه جميعُ الأسقام، واللّذّة التي من لم يظفر بها فعيشُه كلُّه همومٌ وآلامٌ.

وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال، التي متى خلَتْ منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه، تَحمِلُ أثقالَ السّائرين إلى بلادٍ لم يكونوا إلّا بشِقِّ الأنفس بَالِغِيها، وتُوصِلهم إلى منازلَ لم يكونوا بدونها أبدًا واصلِيها، وتُبوِّئهم من مقاعد الصِّدق مقاماتٍ لم يكونوا لولا هي داخلِيها. وهي مطايا القوم التي مَسْراهم في ظهورها دائمًا إلى الحبيب، وطريقُهم الأقوم الذي يُبلِّغهم إلى منازلهم الأولى من قريبٍ.

تالله لقد ذهب أهلُها بشرف الدُّنيا والآخرة، إذ لهم من معيّة (2) محبوبهم أوفرُ نصيبٍ. وقد قضى الله (3) ــ يوم قدَّر مقاديرَ الخلائق بمشيئته وحكمته

الصفحة

365/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !