
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والحال كالمال يُؤتاه البرُّ والفاجر، فإن لم يصحبه نور العلم كان وبالًا على صاحبه.
نفع الحال لا يتعدّى صاحبه، ونفعُ العلم كالغيث يقع على الظِّراب (1) والآكام (2) وبطون الأودية ومنابت الشّجر.
دائرة العلم تسَعُ الدُّنيا والآخرة، ودائرة الحال تَضِيق عن غير صاحبه، وربّما ضاقت عنه.
العلم هادٍ، والحال الصّحيح مهتدٍ به. وهو ترِكة الأنبياء وتُراثهم، وأهله عصبتهم وورّاثهم. وهو حياة القلوب، ونور البصائر، وشفاء الصُّدور، ورياض العقول، ولذّة الأرواح، وأنس المستوحشين (3)، ودليل المتحيِّرين.
وهو الميزان الذي به تُوزن الأقوال والأعمال والأحوال.
وهو الحاكم المفرِّق بين الشّكِّ واليقين، والغيِّ والرّشاد، والهدى والضّلال.
به يُعرف الله ويُعبد، ويذكر ويُوحَّد، ويُحمد ويمجَّد. وبه اهتدى إليه السّالكون، ومن طريقه وصل إليه الواصلون، ومن بابه دخل عليه القاصدون.