
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وطَوَّعتْ له به أنفسُهم سَماحةً واختيارًا، ولا يَحمِلهم على العَنَت والمشقّة فيُفسِدهم.
وواجبُه عند جهل الجاهلين عليه: الإعراض عنهم (1)، وعدمُ مقابلتِهم والانتقامِ منهم (2) لنفسه،. فقال الله لنبيِّه: {خُذِ الْعَفْوَ} (3). قال عبد الله بن الزُّبير - رضي الله عنهما -: أمر الله نبيَّه أن يأخذَ العَفْو من أخلاق النّاس (4).
وقال مجاهدٌ: يعني خذ العفْوَ من أخلاقِ النّاس وأعمالِهم من غير تجسيس (5). مثل قبول الاعتذار، والعفو والمساهلة، وترك الاستقصاءِ والبحثِ (6) والتّفتيشِ عن حقائق بواطنهم.
وقال ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما -: خُذْ ما عفا لك من أموالهم (7). وهو الفضل عن العيال، وذلك معنى قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ اِلْعَفْوُ كَذَلِكَ} [البقرة: 219].
ثمّ قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}، وهو كلُّ معروفٍ، وأعرَفُه: التّوحيد، ثمّ حقوق العبوديّة وحقوق العبيد.