{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة ــ قدّس الله روحه (1) ــ يقول: الصّحيح منها ما يدلُّ عليه اللّفظ بإشارته من باب قياس الأولى.
قلت: مثاله قوله تعالى:
{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].
قال: والصّحيح (2) في الآية أنّ المراد به: الصُّحف التي بأيدي الملائكة، لوجوهٍ عديدةٍ.
منها: أنّه وصفه بأنّه مكنونٌ، والمكنون: المستور عن العيون (3). وهذا إنّما هو في الصُّحف التي بأيدي الملائكة.
ومنها: أنّه قال:
{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}
وهم الملائكة، ولو أراد المتوضِّئين لقال: «لا يمسُّه إلّا المتطهِّرون». كما قال:
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ} [البقرة: 222].
فالملائكة مطهَّرون، والمؤمنون متطهِّرون.
ومنها: أنّ هذا إخبارٌ. ولو كان نهيًا لقال: لا يمسَسْه بالجزم، والأصل في الخبر أن يكون خبرًا صورةً ومعنًى.
ومنها: أنّ هذا (4) ردٌّ على من قال: إنّ الشّيطان جاء بهذا القرآن. فأخبر تعالى أنّه في كتابٍ مكنونٍ لا تنالُه الشّياطين، ولا وصولَ لها إليه، كما قال في