مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ويتأمّلُها حقَّ تأمُّلها، ويُنزلها على الواقع يرى العجبَ. ولا تظنُّها اختصَّتْ بقومٍ كانوا فبانوا، فالحديث لك، واسمعِي يا جارَةْ (1). والله المستعان.
ومن الأدب مع الرّسول (2) - صلى الله عليه وسلم -: أن لا يتقدَّم بين يديه بأمرٍ ولا نهيٍ ولا إذنٍ ولا تصرُّفٍ، حتّى يأمر هو وينهى ويأذن، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]. وهذا باقٍ إلى يوم القيامة لم يُنسَخ، فالتّقدُّم بين يَدَيْ سنّته بعد وفاته كالتّقدُّم بين يديه في حياته، لا فرقَ بينهما عند ذي عقلٍ سليمٍ.
قال مجاهدٌ - رضي الله عنه -: لا تَفْتاتُوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء حتى يَقضيه الله على لسانه (3).
وقال الضحاك - رحمه الله -: لا تَقضُوا أمرًا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (4).
وقال أبو عبيدة - رحمه الله -: تقول العرب: لا تُقدِّمْ بين يَدَي الإمام وبين يَدَي الأب، أي لا تُعجِّلْ بالأمر والنّهي دونَه (5).