مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

14337 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

قال (1): (وإنّما يُدرَك إمكانُ ذلك في ثلاثة أشياء: في العلم والجود والصّبر).

فـ «العلم» يُرشِده إلى مواقع بذلِ المعروف، والفرقِ بينه وبين المنكر، وترتيبِه في وضعه مواضعَه. فلا يضع الغضبَ موضع الحلم ولا بالعكس، ولا الإمساكَ موضع البذل ولا بالعكس، بل يعرف مواقع الخير والشّرِّ ومراتبَها، وموضعَ كلِّ خلقٍ: أين يضعُه، وأين يَحسُن استعماله.

و «الجود» يبعثه على المسامحة بحقوق نفسه، والاستقصاء منها لحقوق غيره، فالجود هو قائد جيوش الخير.

و «الصّبر» يحفظ عليه استدامةَ ذلك، ويَحمِله على الاحتمالِ، وكظْمِ (2) الغيظ، وكفِّ الأذى، وعدم المقابلة، وعلى كلِّ خيرٍ، كما تقدّم. وهو أكبر العون على نيلِ كلِّ مطلوبٍ من خير الدُّنيا والآخرة. قال تعالى: {آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ} [البقرة: 153].

فهذه الثّلاثة (3) أشياء بها يُدرَك التّصوُّف (4)، والتّصوُّف: زاويةٌ من زوايا السُّلوك الحقيقيِّ، وهو تزكية النّفس وتهذيبها، لتستعدَّ لسيرها إلى صحبةِ الرّفيق الأعلى، ومعيّةِ من تُحِبُّه، فإنّ المرء مع من أحبّ. كما قال سَمْنون: ذهب المحبُّون بشرف الدُّنيا والآخرة، فإنّ المرء مع من أحبّ (5).

الصفحة

49/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !