«وأَنا على عهدِك ووعْدِك ما استطعتُ» (2)

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وكأنّ الشّيخ يقول: الذّائق بالتّصديق طعمَ الوعد لا يعارضُه ظنٌّ يعقله عن صدق الطّلب، وتَحبِسُه (1) عزيمتُه عن الجدِّ فيه. وفي حديث سيِّد الاستغفار قوله:
«وأَنا على عهدِك ووعْدِك ما استطعتُ» (2)
، أي مقيمٌ على التّصديق بوعدك، وعلى القيام بعهدك، بحسب استطاعتي.
والحامل على هذه الإقامة والثّبات: ذوقُ طعم الإيمان، ومباشرته للقلب. ولو كان الإيمان مجازًا لا حقيقةً لم يثبت القلب على حكم الوعد والوفاء بالعهد، ولا يُقيمُه (3) في هذا المقام إلّا ذوقُ طعم الإيمان. وثوبُ العارية لا يُجمِّل صاحبَه، ولا سيّما إذا عرف النّاس أنّه ليس له، وأنّه عاريةٌ عليه، كما قيل (4):
ثوبُ الرِّياء يَشِفُّ عمّا تحتَه ... فإذا اشتملتَ به فإنّك عارِي
وكان بعضُ الصّحابة يُكثِر التّلبية في إحرامه، ثمّ يقول: لبّيك، لو كان رياءً لاضمحلَّ (5).
وقد نفى (6) الله تعالى الإيمان عمّن ادَّعاه وليس له فيه ذوقٌ، فقال