حقًّا، ولضيفك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» (1).

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
حقًّا، ولضيفك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» (1).
والعارف البصير يجعل عوضَ مجاهدتِه لنفسه في ترك شهوةٍ مباحةٍ: مجاهدتَه لأعداء الله من شياطين الإنس والجنِّ، وقُطّاعِ الطّريق على القلوب، كأهل البدع من بني العلم وبني (2) الإرادة، ويستفرغ قواه في حربهم ومجاهدتهم، ويتقوّى على حربهم بإعطاء النّفس حقَّها من المباح، ولا يشتغل بها.
ومن آفات التّرك: تطلُّعه إلى ما في أيدي النّاس إذا مسّته (3) الحاجة إلى ما تركه، فاستدامتُها كان أنفعَ له من هذا التّرك.
ومن آفات تركِها وعدمِ أخذها: ما يداخله من الكبر والعُجْب والزّهو. وهذا يقابل الزُّهدَ فيها وترْكَها، كما أنّ كَسْرة (4) الأخذ وذلّته (5) وتواضعه يقابل الأخذ، ففي الأخذ آفاتٌ، وفي التّرك آفاتٌ.
فالفقر الصّحيح: السّلامة من آفات الأخذ والتّرك، وهذا لا يحصل إلّا بفقهٍ في الفقر.
قوله: (فهذا هو الفقر الذي تكلّموا في شرفه). يعني تكلّم فيه أرباب السُّلوك وفضّلوه ومدحوه.