
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقيل: ليس من الفتوّة أن تربح على صديقك (1).
واستضاف رجلٌ بجماعةٍ (2) من الفتيان، فلمّا فرغوا من الطّعام خرجت جاريةٌ تَصُبُّ الماء على أيديهم، فانقبض واحدٌ منهم وقال: ليس من الفتوّة أن تَصُبَّ النِّسوانُ الماء على أيدي الرِّجال، فقال آخر منهم: أنا منذ سنين (3) أدخل هذه (4) الدّار، ولم أعلم أنّ امرأةً تَصُبُّ الماء على أيدينا أو رجلًا (5).
وقدِمَ جماعة فتيانٍ لزيارة فتًى، فقال الرّجل: يا غلامُ قَدِّم السُّفرة. فلم يُقدِّم، فقالها ثانيًا فلم يقدِّم، وثالثًا، فنظر بعضهم إلى بعضٍ وقالوا (6): ليس من الفتوّة أن يستخدم الرّجل (7) من يتعاصى عليه في تقديم السُّفرة كلَّ هذا. فقال الرّجل: لم أبطأتَ بالسُّفرة؟ فقال الغلام: كان عليها نَمْلٌ، فلم يكن من الأدب تقديم السُّفرة إلى الفتيان مع النّمل، ولم يكن من الفتوّة إلقاء النّمل وطَرْدهم عن الزّاد، فلبِثتُ حتّى دبَّ النّمل. فقالوا: يا غلام، مثلُك يخدم الفتيان (8).
ومن الفتوّة التي لا تُلْحَق: ما يُذكر أنّ رجلًا نام من الحاجِّ في المدينة،