
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وساقةُ الخاصّة في أوّل منزلة الفناء، ومنزلة الفناء متّصلةٌ بآخر منزلة المحبّة، فالتقَى (1) حينئذٍ مقدِّمة العامّة بساقة الخاصّة. هذا شرح كلامه.
وعند الطّائفة الأخرى: الأمر بالعكس. وهو أنّ مقدِّمة أرباب الفناء يلتقون بساقةِ أربابِ المحبّة، فإنّهم أمامَهم في السّير، وهم أمام الرَّكْب دائمًا. وهذا بناءً على أنّ أهل البقاء في المحبّة أعلى شأنًا من أهل الفناء. وهو الصّواب. والله أعلم.
فصل
قال (2): (وما دونها: أغراضٌ لأعواضٍ).
يعني ما دون المحبّة من المقامات فهي (3) أغراضٌ من المخلوقين لأجل أعواضٍ ينالونها، وأمّا المحبُّون (4) فإنّهم عبيدٌ له (5). والعبد ونفسه وعمله ومنافعه مِلْكٌ لسيِّده، فكيف يعاوضه على ملكه؟ والأجير عند أخذ أجرِه ينصرف، والعبد في الباب لا ينصرف. فلا عبوديّةَ إلّا عبوديّةُ أهل (6) المحبّة الخالصة. أولئك الفائزون بشرف الدُّنيا والآخرة، وأولئك لهم الأمن وهم مهتدون.