
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لآبائك عليّ؟ ألستُ أنا الذي هديتُهم ومننتُ عليهم واصطفيتهم، ولي الحقُّ عليهم؟ (1).
وأمّا حقوق العبيد على الله: من إثابته لمطيعهم، وتوبتِه على تائبهم، وإجابتهِ لسائلهم= فتلك حقوقٌ أَحقَّها هو على نفسه بحكم وعدِه وإحسانِه، لا أنّها حقوقٌ أَحقُّوها هم عليه، فالحقُّ في الحقيقة لله على عبده، وحقُّ العبد عليه هو ما اقتضاه وعدُه وبرُّه، وإحسانُه إليه بمحض جوده وكرمه. هذا قول أهل التّوفيق والبصائر، وهو وسطٌ بين قولين منحرفين. قد تقدّم ذكرهما مرارًا. والله أعلم (2).
وأمّا قوله: (ولا ينازع له اختيارًا).
أي إذا رأيتَ الله قد اختار لك أو لغيرك شيئًا ــ إمّا بأمره ودينه، وإمّا بقضائه وقدره ــ فلا تنازِعْ اختياره، بل ارْضَ باختيار (3) ما اختاره، فإنّ ذلك