
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال جعفر بن محمّدٍ - رضي الله عنهما -: أمر الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آيةٌ أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية (1). وقد ذُكر أنّه لمّا نزلتْ هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: «ما هذا؟»، قال: لا أدري حتّى أسأل، ثمّ رجع إليه فقال: إنّ الله يأمرك أن تَصِلَ مَن قَطعَك، وتُعطِي من حَرَمَك، وتَعفُوَ عمّن ظلمك (2).
ولا ريبَ أنّ للمُطَاع مع النّاس ثلاثةَ أحوالٍ:
أحدها: أمرُهم ونهيُهم بما فيه مصلحتهم.
الثّاني: أخذُه منهم ما يبذلونه ممّا عليهم من الطّاعة.
الثّالث: أنّ النّاس معه قسمان: مُوافقٌ له مُوالٍ، ومُعادٍ معارضٌ.
وعليه في كلِّ واحدٍ من هذه الأحوال واجبٌ.
فواجبُه في أمرهم ونهيهم: أن يأمر بالمعروف، وهو المعروف الذي (3) به صلاحُهم وصلاح شأنهم، وينهاهم عن ضدِّه.
وواجبُه فيما يبذلونه له من الطّاعة: أن يأخذ منهم ما سهُلَ عليهم،