
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الرُّؤية بقيتْ عليك بقيّةٌ أخرى، وهي رؤيتك لهذا التّرك المتضمِّنةُ (1) لدعوى ملكك للتّرك، وهي دعوى كاذبةٌ، إذ ليس للعبد شيءٌ من الأمر، ولا بيده فعلٌ (2) ولا تركٌ، وإنّما الأمر كلُّه لله.
وقد تبيَّنَ في الكشف والشُّهود والعلم والمعرفة: أنّ العبد ليس له شيءٌ أصلًا، والعبد لا يملك حقيقةً، إنّما المالك بالحقيقة سيِّده. فالأَثَرة والإيثار والاستئثار كلُّها لله ومنه وإليه، سواءٌ اختار العبد ذلك وعلمَه أو (3) جهِلَه، أو لم يَخْتَرْه، فالأَثَرة واقعةٌ، كرِه العبد أم رضي، فإنّها استئثار المالكِ الحقِّ بمُلْكه تعالى. وقد فهمتَ من هذا المعنى قوله (4): (فإنّ الأثرةَ تَحسُنُ طَوْعًا، وتَصِحُّ كَرْهًا). والله أعلم.
* * * *