
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال بعض السّلف (1): لمصانعةُ وجهٍ واحدٍ أيسرُ عليك من مصانعة وجوهٍ كثيرةٍ، إنّك إذا صانعتَ ذلك الوجهَ الواحدَ كفاك الوجوهَ كلَّها.
وقال الشّافعيُّ - رضي الله عنه - (2): رِضا النّاس غايةٌ لا تُدْرَك، فعليك بما فيه صلاحُ نفسك فالزَمْه.
ومعلومٌ أنّه لا صلاحَ للنّفس إلّا بإيثار رضا بارِئها ومولاها على غيره. ولقد أحسن أبو فراسٍ - رحمه الله - في قوله، إلّا أنّه أساء كلَّ الإساءة إذ يقوله لمخلوقٍ لا يملك له ولا لنفسِه ضَرًّا ولا نفعًا:
فليتك تَحْلُو والحياةُ مَرِيرةٌ ... وليتك تَرضى والأنامُ غِضابُ
وليتَ الذي بيني وبينك عامرٌ ... وبيني وبين العالمين خَرابُ
إذا صحَّ منك الودُّ فالكلُّ هيِّنٌ ... وكلُّ الذي فوقَ التُّراب ترابُ (3)