مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

14337 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

كان غائبًا عن المشاهدة. فلمّا شاهد وجد نفسه لم يكن منقطعًا، بل لم يزل متّصلًا (1).

قال: وليس قولنا: «لم يزل متّصلًا» بسديدٍ، فإنّ الاتِّصال لا يصحُّ إلّا بين اثنين. فلا المحجوب منقطعًا، ولا المكاشف متّصلًا، وإنّما هي عباراتٌ للتّقريب والتّفهيم، وأنشد في ذلك (2):

ما بالُ عَينِك لا يَقَرُّ قَرارُها ... وإلامَ ظلُّك لا يَنِيْ (3) متنقِّلا

فلسوفَ تعلم أنّ سَيْرَك لم يكن ... إلّا إليكَ إذا بلغتَ المنزِلا

وبإزاء هؤلاء طائفةٌ غلُظَ حجابهم، وكَثُفَت أرواحهم عن هذا الشّأن، فزعموا: أنّ القرب والبعد والأنس ليس له حقيقةٌ تتعلّق بالخالق سبحانه، وإنّما ذلك القرب من داره وجنّته بالطّاعات، وأنسُ القلب بما وعد عليها من الثّواب، والبعد ضدُّ ذلك. لا أنَّ العبد يقرُب من ربِّه، ولا يبعُد عنه، ولا يأنس به. وصرّحوا بأنّه لا يُريده ولا يحبُّه، فلا يصحُّ تعلُّق الإرادة والمحبّة به. فسار هؤلاء مُغرِّبين، وسار أولئك مُشرِّقين، كما قيل (4):

سارتْ مُشرِّقةً وسِرتُ مغرِّبًا ... شتّانَ بين مُشرِّقٍ ومغرِّب

الصفحة

499/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !