مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

15546 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

لأنا أغْيرُ منه، والله أغيرُ منِّي (1)».

وممّا يدخل في الغيرة قوله تعالى:

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45].

قال السَّرِيُّ لأصحابه: تدرون ما هذا الحجاب؟ حجاب الغيرة، ولا أحدَ أغيرُ من الله (2). إنّ الله تعالى لم يجعل الكفّار أهلًا لفهم كلامه، ولا أهلًا لمعرفته وتوحيده ومحبّته. فجعل بينهم وبين رسوله وكلامه وتوحيده حجابًا مستورًا عن العيون، غيرةً عليه أن يناله من ليس أهلًا له.

والغيرة منزلةٌ شريفةٌ عظيمةٌ جدًّا، جليلة المقدار، ولكنِ الصُّوفيّة المتأخِّرون منهم من قَلَبَ موضوعها، وذهب بها مذهبًا آخرَ باطلًا سمّاه غيرةً، فوضعها في غير موضعها، ولُبِّس عليه أعظمَ تلبيسٍ (3) كما ستراه.

والغيرة نوعان: غيرةٌ من الشّيء، وغيرةٌ على الشّيء.

والغيرة من الشّيء: هي كراهة مزاحمته ومشاركته لك في محبوبك.

والغيرة على الشّيء: هي شدّة حرصك على المحبوب أن يفوز به غيرك دونك، أو يشاركك في الفوز به.

والغيرة أيضًا نوعان: غيرة العبد من نفسه على نفسه لنفسه، كغيرته من نفسه على قلبه، ومن تفرقته على جمعيّته، ومن إعراضه على إقباله، ومن

الصفحة

420/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !