
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وإذا انحرفت عن خلق «الحِلْم» انحرفت: إمّا إلى الطَّيش والنَّزَق (1) والحدّة والخفّة، وإمّا إلى الذُّلِّ والمَهانة والحَقارة. ففرقٌ بين من حِلْمه حِلْمُ ذلٍّ ومهانةٍ وحقارةٍ وعجزٍ، وبين مَن حِلمه حلمُ اقتدارٍ وعزّةٍ وشرفٍ، كما قيل (2):
كلُّ حِلْمٍ أتى بغيرِ اقتدارٍ ... حجّةٌ لاجئٌ إليها اللِّئامُ
وإذا انحرفت عن خلق «الأَناة والرِّفق» انحرفت: إمّا إلى عَجَلةٍ وطَيْشٍ وعُنْفٍ (3)، وإمّا إلى تفريطٍ وإضاعةٍ، والرِّفق والأناة بينهما.
وإذا انحرفت عن خلق «العِزّة» التي وهبَها الله للمؤمنين، انحرفت: إمّا إلى كِبْرٍ، وإمّا إلى ذُلٍّ، والعزّة المحمودة بينهما.
وإذا انحرفت عن خلق «الشّجاعة» انحرفت: إمّا إلى تهوُّرٍ وإقدامٍ غيرِ محمودٍ، وإمّا إلى جُبْنٍ وتأخُّرٍ مذمومٍ.
وإذا انحرفت عن خلق «المنافسة في المراتب العالية والغِبطة» انحرفت: إمّا إلى حسدٍ، وإمّا إلى مَهانةٍ وعَجزٍ وذُلٍّ ورضًا بالدُّون.
وإذا انحرفت عن «القناعة» (4) انحرفت: إمّا إلى حِرصٍ وكَلَبٍ (5)، وإمّا إلى خِسّةٍ ومَهانةٍ وإضاعةٍ.