«اللهمّ لا طَيْرَ إلّا طيرُك، ولا خيرَ إلّا خيرُك، ولا إلَه غيرُك» (1).

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وإنذارٌ، والإلقاء الشّيطانيُّ تحزينٌ وتخويفٌ وشركٌ وصَدٌّ عن المطالب.
وصاحب الهمّة والعزيمة لا يتقيّد بذلك، ولا يَصرِف إليها همّتَه، وإذا سمع ما يَسُرُّه استبشر، وقوِيَ رجاؤه، وحسُنَ ظنُّه، وحمِد الله، وسأله إتمامَه، واستعان به على حصوله. وإذا سمع ما يسوؤه استعاذ بالله، ووثِقَ به، وتوكَّلَ عليه، والتجأ إلى التّوحيد، وقال:
«اللهمّ لا طَيْرَ إلّا طيرُك، ولا خيرَ إلّا خيرُك، ولا إلَه غيرُك» (1).
«اللهمَّ لا يأتي بالحسنات إلّا أنت، ولا يَذهب بالسّيِّئات إلّا أنت، ولا حولَ ولا قوّة إلّا بك» (2).
ومن جعل هذا نُصْبَ قلبه، وعلَّق به همَّته، كان ضرره به أكثر من نفعه.
قوله: (وهذا شيءٌ لا يَخلُص من الكهانة).
يعني: أنّه من جنس الكهانة. وأحوال الكهّان معلومةٌ قديمًا وحديثًا في إخبارهم عن نوعٍ من المغيَّبات بواسطة إخوانهم من الشّياطين الذين يُلْقون إليهم السّمعَ، ولم يزل هؤلاء في الوجود، ويكثُرون في الأزمنة والأمكنة التي