{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9].
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأمّا خسران من لَها عنه، فكقوله تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9].
وأمّا جعلُ ذكرِه لهم جزاءً لذكرهم، فكقوله:
{(151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا} [البقرة: 152].
وأمّا الإخبار بأنّه أكبر من كلِّ شيءٍ، فكقوله تعالى:
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45].
وفيها أربعة أقوالٍ (1): أحدها: أنّ ذكر الله أكبر من كلِّ شيءٍ، فهو أفضل الطّاعات; لأنّ المقصود بالطّاعات كلِّها إقامة ذكره، فهو سرُّ الطّاعات وروحها.
الثّاني: أنّ المعنى: أنّكم إذا ذكرتموه ذكَرَكم، فكان ذِكرُه لكم أكبرَ من ذكرِكم له. فعلى هذا: المصدر مضافٌ إلى الفاعل، وعلى الأوّل: مضافٌ إلى المذكور.
الثّالث: أنّ المعنى: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه فاحشةٌ ومنكرٌ، بل إذا تمَّ الذِّكر مَحَقَ كلَّ معصيةٍ وكلَّ خطيئةٍ. هذا ما ذكره المفسِّرون.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله - يقول: معنى الآية: أنّ في الصّلاة فائدتين عظيمتين، إحداهما: نهيها عن الفحشاء والمنكر، والثّانية: اشتمالُها على ذكر الله وتضمُّنها له، ولَمَا تضمَّنتْه (2) مِن ذكر الله أعظمُ من نهيها عن