مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

14337 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وقالوا له يومًا: هل رأيتَ أسخى منك؟ قال: نعم، نزلنا بالبادية على امرأةٍ، فحضر زوجها، فقالت: إنّه نزل بك ضِيفانٌ. فجاء بناقةٍ فنحرها، وقال: شأْنَكم! فلمّا كان من الغد جاء بأخرى فنحرَها، فقلنا: ما أكلنا من التي نحرتَ البارحةَ إلّا اليسير، فقال: إنِّي لا أُطعِم أضيافي البائتَ. فبقينا عنده يومين أو ثلاثةً، والسّماء تُمطِر، وهو يفعل ذلك. فلمّا أردنا الرّحيلَ وضعنا مائة دينارٍ في بيته، وقلنا للمرأة: اعتذري لنا إليه. ومضينا، فلمّا مَتَعَ (1) النّهارُ إذا نحن برجلٍ يصيح خلفنا: قِفُوا أيُّها الرّكْبُ اللِّئام، أعطيتموني ثمنَ قِرَايَ؟ لحِقَنا، وقال: لتأخذُنَّه أو لأُطاعِننَّكم برمحي، فأخذناه وانصرف (2).

فتأمّلْ سرَّ التّقدير، حيث قدَّر الحكيم الخبير سبحانَه استئثارَ النّاس على الأنصار بالدُّنيا ــ وهم أهل الإيثار ــ ليجازِيَهم على إيثارهم في الدُّنيا على نفوسهم بالمنازل العالية في جنّاتِ عدنٍ على النّاس، فيظهر حينئذٍ فضيلةُ إيثارهم ودرجتُه، ويَغْبِطُهم من استأثر عليهم بالدُّنيا أعظمَ غِبْطةٍ. وذلك فضلُ الله يُؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

فإذا رأيتَ النّاس يستأثرون عليك ــ مع كونك من أهل الإيثار ــ فاعلَمْ أنّه لخيرٍ يُراد بك.

الصفحة

5/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !