
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقيل: هو لهيبٌ ينشأ بين أثناء الحشا، يَسنَحُ عن الفرقة. فإذا وقع اللِّقاء طَفِئَ (1).
قلت: هذه مسألة نزاعٍ بين المحبِّين، وهي أنّ الشّوق هل يزول باللِّقاء أم لا (2)؟ ولا يختلفون أنّ المحبّة لا تزول.
فمنهم من قال: يزول باللِّقاء، لأنّ الشّوق هو سفَرُ القلب إلى محبوبه، فإذا قدِمَ عليه ووصلَ إليه صار مكانَ الشّوق قرّةُ عينه به، وهذه القُرَّة تجامع المحبّةَ ولا تنافيها.
قال هؤلاء: وإذا كان الغالب على القلب مشاهدة المحبوب لم يَطْرُقْه الشّوق.
وقيل لبعضهم: هل تشتاق إليه؟ فقال: لا، إنّما الشّوقُ إلى غائبٍ، وهو حاضرٌ (3).
وقالت طائفةٌ: بل يزيد الشّوقُ بالقرب والوصول ولا يزول، لأنّه كان قبل الوصول على الخبر والعلم، وبعده قد صار على العيان والشُّهود. ولهذا قيل (4):