{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أحدها: أنّهم أذلّةٌ على المؤمنين. قيل (1): معناه أرقّاءُ رحماء، مشفقون عليهم، عاطفون (2) عليهم. فلمّا ضمّن «أذلّةً» هذا المعنى عدّاه بأداة «على». قال عطاءٌ - رضي الله عنه - (3): للمؤمنين كالولد لوالده والعبد لسيِّده، وعلى الكافرين كالأسد على فريسته،
{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
العلامة الثّالثة (4): الجهاد في سبيل الله بالنّفس واليد واللِّسان والمال، وذلك تحقيق دعوى المحبّة.
العلامة الرّابعة: أنّهم لا يأخذهم في الله لومةُ لائمٍ. وهذا علامة صحّة المحبّة، فكلُّ محبٍّ أخذه اللّوم عن محبوبه فليس بمحبٍّ على الحقيقة. كما قيل (5):
لا كان مَن لِسواك فيه بقيّةٌ ... يجد السّبيلَ بها إليه اللُّوَّمُ
وقال تعالى:
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57].
فذِكْرُ المقامات الثّلاث ــ الحب، وهو ابتغاء القرب إليه والتّوسُّل إليه بالأعمال الصّالحة. والرّجاء،