{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
: منزلة الهمّة.
وقد صدّرها صاحب «المنازل» بقوله تعالى:
{مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17].
وقد تقدّم (1) أنّه صدّر بها باب الأدب، وذكرنا وجهه. وأمّا وجه تصدير «الهمّة» بها فهو الإشارة إلى أنّ همّتَه ما تعلَّقتْ بسوى مشهودِه وما أُقيم فيه، ولو تجاوزتْه همّتُه لَتبِعَها بصرُه.
والهمّة فِعْلةٌ من الهمِّ، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خَصُّوها بنهاية الإرادة. فالهَمُّ مبدؤها، والهِمّة نهايتها.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله - يقول: في بعض الآثار الإلهيّة:
«إنِّي لا أنظر إلى كلام الحكيم، وإنّما أنظر إلى هِمّته» (2).
قال (3): والعامّة تقول: قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحسِن. والخاصّة تقول: قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يَطلُب. يريد: أنّ قيمة المرء همّته ومطلبه.