
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وصدقها: خلوصها من شوائب الأغيار والحظوظ. وقوله: (لأهل الهِمَم العالية)، فهي التي لا تقف دون الله عزّ وجلّ، ولا تُعرِّج في سفرها على شيءٍ سواه. وأعلى الهمم: ما تعلّق بالعليِّ الأعلى. وأوسعها: ما تعلّق بصلاح العباد. وهي هِمَمُ الرُّسل وورثتهم. وقوله: (في الأحايين الخالية). يريد بها: ساعات الصّفاء مع الله تعالى، وأوقات النّفحات الإلهيّة، التي من تعرَّضَ لها يوشك أن لا يُحْرَمها، ومن أعرضَ عنها فهي عنه أشدُّ إعراضًا. وقوله: (في الأسماع الصّاحية). وهي التي صَحَتْ من تعلُّقها بالباطل واللّغو، وأصاخَتْ لدعوة الحقِّ ومنادي الإيمان. فإنّ الباطل واللّغو خمر الأسماع والعقول، فصَحْوُها بتجنُّبِه والإصغاء إلى دعوة الحقِّ. قوله: (وهو علمٌ يُظهِر الغائب)، أي يكشف ما كان غائبًا عن العارف. قوله: (ويُغيِّب الشّاهد)، أي يُغيِّبه عن شهود ما سوى مشهوده الحقِّ. (ويشير إلى الجمع)، وهو مقام الفردانيّة، واضمحلال الرُّسوم حتّى رَسْم الشّاهد نفسه. فصل قال (1): (الدّرجة الثّالثة: علمٌ لَدُنِّيٌ. إسناده وجوده، وإدراكه عيانُه، ونعتُه حكُمه. ليس بينه وبين الغيب حجابٌ).