مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ولا ينتفع به. وهذا بمنزلة من يصف له الطبيب دواءً لمرضٍ به مثلُه والطبيب مُعرضٌ عنه غيرُ ملتفتٍ إليه، بل الطبيب المذكور عندهم أحسن حالًا من هذا الواعظ المخالف لما يعظ به، لأنَّه قد يقوم عنده دواءٌ آخر مقامَ هذا الدَّواء، وقد يرى أنَّ به قوَّةً على ترك التَّداوي، وقد يقنع بعمل الطبيعة، وغير ذلك؛ بخلاف هذا الواعظ فإنَّ ما يعظ به طريق معيَّن للنجاة لا يقوم غيرُها مقامها ولا بدّ منها.
ولأجل هذه النُّفرة قال شعيب ــ صلى الله على نبيِّنا وعليه وسلَّم ــ لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88].
وقال بعض السَّلف: إذا أردت أن يقبل منك الأمر والنَّهي، فإذا أمرتَ بشيءٍ فكن أوَّل الفاعلين له المؤتمرين به، وإذا نهيتَ عن شيءٍ فكن أوَّل المنتهين عنه (1).
وقد قيل (2):
يا أيُّها الرجل المعلِّم غيرَه ... هلَّا لنفسك كان ذا التّعليمُ؟
تصف الدّواء لذي السِّقام من الضَّنى ... ومن الضَّنى تمسي وأنت سقيمُ
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ