
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقال: {(15) تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16] (1).
وقال: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 7 - 8].
وقال: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سَقْفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 33 - 35].
والقرآن مملوءٌ من التزهيد في الدُّنيا والإخبار بخسَّتها وقلَّتها وانقطاعها وسرعة فنائها، والتَّرغيبِ في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها وسرعة إقبالها.
فإذا أراد الله بعبدٍ خيرًا أقام في قلبه شاهدًا يعاين به حقيقة الدُّنيا والآخرة، ويؤثر منهما ما هو أولى بالإيثار.
وقد أكثر الناس في (2) الكلام في الزُّهد، وكلٌّ أشار إلى ذوقه ونَطَق عن حاله وشاهده، فإنَّ غالب عبارات القوم عن أذواقهم وأحوالهم. والكلام بلسان العلم أوسعُ من الكلام بلسان الذوقِ وأقربُ إلى الحجة والبرهان.
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدّس الله روحه ــ يقول: الزُّهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يُخاف ضرره في الآخرة (3). وهذه العبارة