
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تعالى، وأنّه لم تباشره روحُ محبَّته ومعرفته، ولم يذق حلاوة التعلُّق به والطُّمأنينة إليه.
قوله: (وأن تدوم لائمته لنفسه) فهو أنَّ صاحب هذا المنزل لا يرضى عن نفسه، وهو مبغضٌ لها متمنٍّ لمفارقتها.
والمراد بالنَّفس (1) عند القوم: ما كان معلولًا من أوصاف العبد، مذمومًا من أخلاقه وأفعاله، سواءٌ كان ذلك كسبيًّا له أو خلقيًّا؛ فهو شديد اللّائمة لها. وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2]، قال سعيد بن جبيرٍ وعكرمة: تلوم على الخير والشرِّ، ولا تصبر على السرَّاء ولا على الضرَّاء.
وقال قتادة: اللوَّامة (2) الفاجرة.
وقال مجاهد: تندم على ما فات وتقول: لو فعلتُ! ولو لم أفعل!
وقال الفرَّاء: ليس من نفسٍ برَّةٍ ولا فاجرةٍ إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيرًا قالت: هلَّا زدت! وإن عملت شرًّا قالت: ليتني لم أفعل!
وقال الحسن: هي النفس المؤمنة؛ إنَّ المؤمن واللهِ ما تراه إلَّا يلوم نفسه: ما أردت بكلامي؟ ما أردت بأكلتي (3)؟ وإنَّ الفاجر يمضي قُدمًا قُدمًا ولا يحاسب نفسه ولا يعاتبها.