
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الإخبات.
قال الله تعالى: {الْمُخْبِتِينَ (34)} [الحج: 34]، ثمَّ كشف عن معناهم فقال: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)} [الحج: 35].
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [هود: 23].
الخبت في أصل اللُّغة: المكان المنخفض من الأرض. وبه فسَّر ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة لفظ {(34)} فقالا: هم المتواضعون (1). وقال مجاهد: المخبت: المطمئنُّ إلى الله، قال: والخبت: المكان المطمئنُّ من الأرض. وقال الأخفش: الخاشعون. وقال إبراهيم النخعيُّ: المخلصون. وقال الكلبيُّ: هم الرّقيقة قلوبهم. وقال عمرو بن أوسٍ: هم الذين لا يظلمون، وإذا ظُلِموا لم ينتصروا (2).
وهذه الأقوال تدور على معنيين: التواضع، والسُّكون إلى الله تعالى. ولذلك عدِّي بـ «إلى» تضمينًا لمعنى الطُّمأنينة والإنابة والسُّكون إلى الله.