
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عاناه صبيٌّ إلَّا وفسد، ولا امرأةٌ إلَّا وبغت، ولا شابٌّ إلَّا وإلَّا، ولا شيخٌ إلَّا وإلَّا، والعِيان من ذلك يغني عن البرهان، ولاسيَّما إذا جمع هيئةً تحدو النُّفوس أعظمَ حدوٍ إلى المعصية والفجور، بأن يكون على الوجه الذي ينبغي من المكان والإمكان، والعُشراء والإخوان، وآلات المعازف من اليَراع والدُّفِّ والأوتار والعيدان، وكان القوَّالُ (1) شاديًا شجيَّ الصوت لطيفَ الشمائل من المردان أو النِّسوان، وكان القول في العشق والوصال والصّدِّ والهجران.
ودارت كؤوس الهوى بينهم ... فلست ترى فيهم صاحيا
فكلٌّ على قدر مشروبه ... وكلٌّ أجاب الهوى الدَّاعيا
فمالوا سُكارى ولا سُكر مِن ... تناول أمِّ الهوى خاليا
وجارٍ على القوم ساقيهمُ ... ولم يؤثروا غيره ساقيا
فمزَّق منهم قلوبًا غَدَتْ ... لباسًا عليه يرى ضافيا
فلم يستفيقوا إلى أن أتى ... إليهم منادي اللِّقا داعيا
أجيبوا فكلُّ امرئٍ منكمُ ... على حاله ربَّه لاقيا
هنالك تعلم مِن حمأةٍ ... شربتَ مع القوم أم صافيا
وتاللهِ لا بدَّ قبل اللِّقا ... ءِ تعلم ذا إن تكن واعيا
فلا بدَّ تصحو فإمَّا هنا ... وإمَّا هناك فكن راضيا (2)