مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأنا غلام فتعرَّفتُ إليه فعرفني، فقلت: يا عمُّ، أنت تدعو للناس (1)، فلو دعوت لنفسك لردَّ الله عليك بصرك، فتبسَّم ثمَّ قال: يا بُنيَّ، قضاء الله عندي أحبُّ إليَّ من بصري (2).
وقال بعض العارفين: ذنبٌ أذنبته، أنا أبكي منه منذ ثلاثين سنةً. قيل: وما هو؟ قال: قلت لشيءٍ كان ليته لم يكن (3).
وقال بعض السّلف: لو قُرض جسمي (4) بالمقاريض كان أحبَّ إليَّ مِن أن أقول لشيءٍ قضاه الله: ليته لم يقضه (5).
وقيل لعبد الواحد بن زيدٍ: هاهنا رجلٌ قد تعبَّد (6) خمسين سنةً، فقصده فقال: حبيبي، أخبرني عنك، هل قنعتَ به؟ قال: لا. قال: فهل أنستَ به؟ قال: لا. قال: فهل رضيت عنه؟ قال: لا. قال: فإنَّما مزيدك منه الصوم والصلاة؟ قال: نعم. قال: لولا أنِّي أستحيي منك لأخبرتك أنَّ معاملة خمسين سنةً مدخولة (7). يعني أنَّه لم يقرِّبه فيجعله في مقام المقرَّبين، فيوجده مواجيد العارفين، بحيث يكون مزيده لديه: أعمال القلوب التي يُستعمَل بها (8)