
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
هذا فمن سوء فهمه أُتي.
وأمّا القرب، فلا يقع في القرآن إلَّا خاصًّا. وهو نوعان: قربه من داعيه بالإجابة، وقربه من عابده بالإثابة.
فالأوَّل كقوله: {(185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]. ولهذا نزلت جوابًا للصحابة - رضي الله عنهم -، وقد سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ربُّنا (1) قريبٌ فنناجيه؟ أم بعيدٌ فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).
والثاني كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد» (3)، و «أقرب ما يكون الربُّ من عبده في جوف اللَّيل» (4). فهذا قربه من أهل طاعته.
وفي «الصحيح» (5): عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ فارتفعت أصواتنا بالتكبير، فقال: «أيُّها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم، إنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنَّ الذي تدعونه سميعٌ قريبٌ، أقرب إلى