
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تعالى (1) ورضاه ومشيئته واحدةً، كما هو أحد قولي الأشعريِّ، وأكثر أتباعه (2). فإنَّ هؤلاء يقولون: إنَّ كلَّ ما شاءه وقضاه فقد أحبَّه ورضيه. وإذا كان الكون محبوبًا له مرضيًّا، فنحن نحبُّ ما أحبَّه، ونرضى ما رضي به.
وقولكم: إنَّ الرِّضا بالقضاء يطلق جملةً ولا يطلق تفصيلًا= لا يخلِّص في هذا المقام، فإنه وإن لم يُطلَق تفصيلًا فذلك لا يمنع دخوله في جملة المرضيِّ به، فيعود الإشكال.
وقولكم: نرضى بها من جهة كونها خلقًا لله، وتُسخَط (3) من جهة كونها كسبًا للعبد= فكسب العبد إن كان أمرًا وجوديًّا فهو خلقٌ لله فيُرضى به، وإن كان أمرًا عدميًّا فلا حقيقة له تُرضى ولا تُسخَط (4).
وأمَّا قولكم: نرضى بالقضاء دون المقضيِّ، فهذا إنَّما يصحُّ على قول من جعل القضاء غير المقضيِّ والفعلَ غير المفعول، وأمَّا من لم يفرِّق بينهما فكيف يصحُّ هذا على أصله؟
وقد أورد القاضي أبو بكرٍ (5) على نفسه (6) هذا السُّؤال فقال: «فإن قيل: