مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

4616 3

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الشاهد شاهدٌ بذلك، فإنَّ الرجل إذا اطَّلع على أخصِّ الناس به، وأحبِّهم إليه، وأقربهم منه من صاحبٍ أو ولدٍ أو من يحبُّه، وهو يخونه، فإنَّه يلحقه من ذلك الاطِّلاع عليه حياءٌ عجيب، حتَّى كأنَّه هو الجاني، وهذا غاية الكرم.

وقد قيل: إنَّ سبب هذا الحياء أنّه يمثِّل نفسه أنه (1) الخائن (2)، فيلحقه الحياء، كما إذا شاهد الرجل مضروبًا (3)، أو من حَصِر (4) على المنبر عن الكلام، فإنَّه يخجل أيضًا تمثيلًا لنفسه بتلك الحالة.

وهذا قد يقع، ولكنَّ حياء من اطّلع على محبوب له (5) يخونه ليس من هذا، فإنّه لو اطَّلع على غيره ممَّن هو فارغ البال منه لم يلحقه هذا الحياء، ولا قريبٌ منه، وإنَّما يلحقه مقتُه وسقوطه من عينه. وإنَّما سببه ــ والله أعلم ــ شدَّة تعلُّق قلبه ونفسه به، فينزل الوهمُ فعله بمنزلة فعله هو، ولا سيَّما إن قدِّر حصول المكاشفة بينهما، فإنَّ عند حصولها يهيج خُلُق الحياء منه تكرُّمًا، فعند تقديرها ينبعث ذلك الحياء. هذا في حقِّ الشاهد.

وأمَّا حياء الربِّ من عبده ــ تبارك وتعالى ــ فذاك نوعٌ آخر، لا تدركه

الصفحة

615/ 659

مرحبًا بك !
مرحبا بك !