
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جوعٍ يمكن زواله بنصف درهمٍ (1)، ويدع صرفه إلى نصرة الدِّين وقمع المبتدعين (2) ومصالح المسلمين.
فصل
قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (3): (التوكُّل كِلَة الأمر إلى مالكه، والتعويل على وكالته. وهو من أصعب منازل العامَّة عليهم، وأوهى السُّبل عند الخاصَّة، لأنَّ الحقَّ قد وكل الأمور كلَّها إلى نفسه، وأَيأَس العالَم مِن ملك شيءٍ منها).
قوله: (كلة الأمر إلى مالكه)، أي تسليمه إلى من هو بيده.
(والتعويل على وكالته)، أي الاعتماد على قيامه بالأمر، والاستغناء بفعله عن فعلك، وإرادته عن إرادتك. والوكالة يراد بها أمران، أحدهما: التوكيل (4)، وهو الاستنابة والتفويض. والثاني: التوكُّل، وهو التصرُّف بطريق النِّيابة عن الموكِّل، وهذا من الجانبين، فإنَّ الله عزَّ وجل يوكِّل العبد ويقيمه في حفظ (5) ما وكَّله فيه، والعبد يوكِّل الربَّ ويعتمد عليه.
فأمَّا وكالة الربِّ عبدَه، ففي قوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89]، قال قتادة: وكَّلنا بها الأنبياء الثمانية عشر