
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الذين تقطَّعوا أمرهم بينهم زبرًا، بل ممن (1) هو على بيِّنةٍ من ربِّه وبصيرةٍ في إيمانه ومعرفةٍ بما عند النّاس، والله الموفِّق المعين (2).
فصل
المشهد الثامن: مشهد الأسماء والصِّفات، وهو من أجلِّ المشاهد، وهو أعلى ممَّا قبله وأوسع.
والمُطْلع على هذا المشهد: معرفة تعلُّق الوجود خلقًا وأمرًا بالأسماء الحسنى والصِّفات العُلا، وارتباطه بها، وأن (3) العالَمَ بما فيه من بعض آثارها ومقتضاها؛ وهذا من أجلِّ المعارف وأشرفها.
وكلُّ اسمٍ من أسمائه سبحانه له صفةٌ خاصَّة، فإن أسماءه سبحانه (4) أوصافُ مدحٍ وكمالٍ، وكلُّ صفةٍ لها مقتضًى وفعلٌ، إمَّا لازم وإمَّا متعدٍّ، ولذلك الفعل تعلُّق بمفعولٍ (5) هو من لوازمه، وهذا في خلقه وأمره وثوابه وعقابه، كلُّ ذلك آثار الأسماء الحسنى وموجَباتها.
ومن المُحال تعطيل أسمائه عن أوصافها ومعانيها، وتعطيلُ الأوصاف عمَّا تقتضيه وتستدعيه من الأفعال، وتعطيلُ الأفعال عن المفعولات؛ كما أنَّه يستحيل تعطيل مفعوله عن أفعاله، وأفعالِه عن صفاته، وصفاته عن أسمائه، وتعطيلُ أسمائه وأوصافه عن ذاته.