
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الثِّقة بالله.
قال صاحب «المنازل» (1): (الثقة: سواد عين التوكُّل، ونقطة دائرة التفويض، وسويداء قلب التسليم).
وصدَّر الباب بقوله تعالى لأمِّ موسى: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي} [القصص: 7]، فإنَّ فعلها هذا هو عين ثقتها بالله، إذ لولا كمال ثقتها بربِّها لما ألقت ولدها وفلذة كبدها في تيَّار الماء، تتلاعب به أمواجُه وجِرياتُه (2) إلى حيث ينتهي أو يقف.
ومراده: أنَّ الثقة خلاصةُ التوكُّل ولبُّه، كما أنَّ سواد العين أشرف ما في العين.
وأشار بأنَّه (نقطة دائرة التوكل (3)) إلى أنَّ مدار التوكُّل عليه، وهو في وسطه كحال النقطة من الدائرة، فإنَّ النقطة هي المركز الذي عليه استدارة المحيط، ونسبة جهات المحيط إليه نسبة واحدة، وكلُّ جزءٍ من أجزاء