مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثمَّ ذمَّهم بترك رعايتها، إذ من التزم لله شيئًا لم يُلزمه الله إيَّاه من أنواع القُرَب لزمه رعايته وإتمامه، حتَّى ألزم كثيرٌ من الفقهاء مَن شرع في طاعةٍ مستحبَّةٍ بإتمامها، وجعلوا التزامَها بالشروع كالتزامها بالنذر، كما قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الرِّوايتين عنه، وهو إجماعٌ أو كالإجماع في أحد النُّسكين (1). قالوا: والالتزام بالشُّروع أقوى من الالتزام بالقول، فكما يجب عليه رعاية ما التزمه بالنذر وفاءً، يجب عليه رعاية ما التزمه بالفعل إتمامًا. وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة.
والقصد: أنَّ الله سبحانه ذمَّ من لم يرعَ قربةً ابتدعها لله حقَّ رعايتها، فكيف بمن لم يرعَ قربةً شرعها الله ورضيها لعباده (2)؟!
فصل
قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (3): (الرِّعاية: صونٌ بالعناية، وهي على ثلاث درجاتٍ، الأولى: رعاية الأعمال، والثانية: رعاية الأحوال، والثالثة: رعاية الأوقات. فأمَّا رعاية الأعمال فتوفيرُها بتحقيرها، والقيامُ بها من غير نظرٍ إليها، وإجراؤها على مجرى العلم لا على التزيُّن بها من غير نظرٍ إليها (4)).