مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7109 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وكذلك هذا الحياء يكفُّ العبد أن يشتكي إلى غير الله، فيكون قد شكا الله إلى خلقه. ولا يمنع الشكوى إليه سبحانه، فإنَّ الشكوى إليه فقرٌ وذلٌّ وفاقةٌ وعبوديَّة، فالحياء منه (1) لا ينافيها.

فصل

قال (2): (الدرجة الثانية: حياءٌ يتولَّد من النظر في علم القرب، فيدعوه إلى ركوب المحبَّة، ويربطه بروح الأنس، ويكرِّه إليه ملابسة الخلق).

النَّظر في علم القرب: تحقُّق القلب بالمعيَّة الخاصَّة مع الله، فإنَّ المعيَّة نوعان: عامَّةٌ، وهي معيَّة العلم والإحاطة، كقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، وقولِه: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7].

وخاصَّةٌ: وهي معيَّة القرب، كقوله: {(127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ} [النحل: 128]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ} [البقرة: 153]، {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]؛ فهذه معيَّة قربٍ تتضمَّن الموالاة والنصر والحفظ.

وكلا المعيَّتين مصاحَبةٌ منه للعبد، لكنَّ هذه مصاحبة اطِّلاعٍ وإحاطة، وهذه مصاحبة موالاةٍ ونصرٍ وإعانة. فـ «مع» في لغة العرب للصُّحبة اللائقة، لا تُشعر بامتزاجٍ ولا اختلاطٍ، ولا مجاورةٍ ولا مجانبةٍ. فمن فهم منها شيئًا من

الصفحة

622/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !