مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7130 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الرِّضا بربوبيَّته سبحانه وإلهيَّته (1)، والرِّضا برسوله والانقياد له، والرِّضا بدينه والتسليمله. ومن اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصِّدِّيق حقًّا. وهي سهلةٌ بالدعوى واللِّسان، ومِن أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان. ولا سيَّما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادها من ذلك، تبيَّن أنَّ الرضا كان (2) على لسانه لا على حاله.

فالرِّضا بإلهيَّته يتضمَّن الرِّضا بمحبَّته وحده، وخوفه، ورجائه، والإنابة إليه، والتّبتُّل إليه، وانجذاب قوى الإرادة والحبِّ كلِّها إليه؛ فِعْلَ (3) الراضي بمحبوبه كلَّ الرِّضا. وذلك يتضمَّن عبادته والإخلاص له.

والرِّضا بربوبيته يتضمَّن الرِّضا بتدبيره لعبده، ويتضمَّن إفراده بالتوكُّل عليه، والاستعانة به، والثِّقة به، والاعتماد عليه، وأن يكون راضيًا بكلِّ ما يفعله به. فالأوَّل يتضمّن رضاه بما يأمره به، والثاني يتضمَّن رضاه بما يُقدِّر عليه.

وأمّا الرِّضا بنبيِّه رسولًا، فيتضمَّن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقَّى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكِّم عليه غيرَه، ولا يرضى بحكم غيره البتَّة، لا في شيءٍ من أسماء الربِّ وصفاته وأفعاله، ولا في شيءٍ من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيءٍ من أحكامِ ظاهرِه وباطنه؛ لا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلَّا بحكمه، فإن عجز عنه كان تحكيمُه غيرَه من باب غذاء

الصفحة

478/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !